سورة إبراهيم - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {وعاداً وثموداً والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} قال: كذب النسابون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن الضريس، عن أبي مجلز رضي الله عنه قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أنسب الناس. قال: إنك لا تنسب الناس. قال: بلى. فقال له علي رضي الله عنه أرأيت قوله تعالى {وعاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً} [ الفرقان: 38] اقل: أنا أنسب ذلك الكثير. قال: أرأيت قوله: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} فسكت.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء معد بن عدنان.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: بين عدنان وإسماعيل، ثلاثون أبا لا يعرفون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية قال: لما سمعوا كتاب الله، عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم، {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به، فإن عندنا فيه شكاً قوياً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم} قال: كذبوا رسلهم بما جاؤوهم من البينات، فردوه عليهم بأفواههم وقالوا {إنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} وكذبوا ما في الله عز وجل شك، أفي من فطر السموات والأرض؟ وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، وأظهر لكم من النعم والآلاء الظاهرة ما لا يشك في الله عز وجل.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: ردوا عليهم قولهم وكذبوهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: عضوا عليها. وفي لفظ: عضوا على أناملهم غيظاً على رسلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال أدخلوا أصابعهم في أفواههم. قال: وإذا غضب الإنسان عض على يده.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: هو التكذيب.


{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ويؤخركم إلى أجل مسمى} قال: ما قد خط من الأجل، فإذا جاء الأجل من الله لم يؤخر.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: إذا آذاك البرغوث، فخذ قدحاً من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله...} الآية، ثم ترش حول فراشك.
وأخرج المستغفري في الدعوات، عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا آذاك البرغوث، فخذ قدحاً من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وما لنا ألا نتوكل على الله...} الآية. فإن كنتم مؤمنين، فكفوا شركم وأذاكم عنا، ثم ترشه حول فراشك، فإنك تبيت آمنا من شرها».


{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية قال: كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم، فأبى الله لرسله والمؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر، وأمرهم أن يتوكلوا على الله وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم وعدهم واستَفتحوا كما أمرهم الله أن يستفتحوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولنسكننكم الأرض من بعدهم} قال: وعدهم النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة. فبين الله تعالى من يسكنها من عباده، فقال: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [ الرحمن: 46] وإن لله مقاماً هو قائمه، وإن أهل الإِيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا، ودأبوا الليل والنهار.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} [ التحريم: 6] تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة، فخر فتى مغشياً عليه، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده، فإذا هو يتحرك، فقال: «يا فتى. قل لا إله إلا الله. فقالها. فبشره بالجنة. فقال أصحابه: يا رسول الله، أمن بيننا؟ قال: أما سمعتم قوله تعالى {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا، عن عبد العزيز بن أبي رواد رضي الله عنه قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} [ التحريم: 6] ولفظ الحكيم، لما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية، تلاها على أصحابه وفيهم شيخ. ولفظ الحكيم، فتى. فقال: يا رسول الله، حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا. فوقع مغشياً عليه، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي، فناداه فقال: قل لا إله إلا الله. فقالها، فبشره بالجنة: فقال أصحابه: يا رسول الله، أمن بيننا؟ فقال: نعم، يقول الله عز وجل {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [ الرحمن: 46] {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}».
وأخرج الحاكم من طريق حماد بن أبي حميد، عن مكحول عن عياض بن سليمان رضي الله عنه وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى، قوم يضحكون جهراً في سعة رحمة ربهم، ويبكون سراً من خوف عذاب ربهم، يذكرون ربهم بالغداة والعشي في البيوت الطيبة والمساجد، ويدعونه بألسنتهم رغباً ورهباً، ويسألونه بأيديهم خفضاً ورفعاً، ويقبلون بقلوبهم عوداً وبدءاً، فمؤنتهم على الناس خفيفة، وعلى أنفسهم ثقيلة. يدبّون في الليل حفاة على أقدامهم كدبيب النمل، بلا مرح ولا بذخ، يقرؤون القرآن ويقربون القربان ويلبسون الخلقان، عليهم من الله تعالى شهود حاضرة وعين حافظة، يتوسمون العباد ويتفكرون في البلاد، أرواحهم في الدنيا وقلوبهم في الآخرة، ليس لهم هم إلا أمامهم. أعدوا الجواز لقبورهم والجواز لسبلهم، والاستعداد لمقامهم، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}» قال الذهبي رضي الله عنه هذا حديث عجب منكر، وأحسبه أدخل علي بن السماك رضي الله عنه يعني شيخ الحاكم الذي حدثه به. قال: ولا وجه لذكره في هذا الكتاب- يعني المستدرك- قال: وحماد ضعيف. ولكن، لا يحتمل مثل هذا، ومكحول مدلس وعياض لا يدري من هو. انتهى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم؛ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {واستفتحوا} قال للرسل كلها. يقول: استنصروا. وفي قوله: {وخاب كل جبار عنيد} قال: معاند للحق، مجانب له.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {واستفتحوا} قال: استنصرت الرسل على قومها {وخاب كل جبار عنيد} يقول: بعيد عن الحق، معرض عنه، أبى أن يقول لا إله إلا الله.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في قوله: {عنيد} قال: هو الناكب عن الحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلق في صعيد واحد يوم القيامة: الجن والإِنس والدواب والهوام، فيخرج عنق من النار فيقول: وكلت بالعزيز الكريم والجبار العنيد، الذي جعل مع الله إلهاً آخر. قال: فيلقطهم كما يلقط الطير الحب فيحتوي عليهم، ثم يذهب بهم إلى مدينة من النار، يقال لها: كيت وكيت، فيثوون فيها ثلثمائة عام قبل القضاء.
وأخرج الترمذي وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق، فيقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبالمصوّرين».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج عنق من النار يوم القيامة، فيتكلم بلسان طلق ذلق، له عينان يبصر بهما ولسان يتكلم به، فيقول: إني أمرت بكل جبار عنيد، ومن دعا مع الله إلهاً آخر، ومن قتل نفساً بغير نفس، فتنضم عليهم فتقذفهم في النار قبل الناس بخمسمائة سنة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في جهنم وادياً يقال له: هبهب، حق على الله أن يسكنه كل جبار».
وأخرج الطستي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {كل جبار عنيد} قال: الجبار، العيار، والعنيد الذي يعند عن حق الله تعالى. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
مصر على الحنث لا تخفى شواكله *** يا ويح كل مصر القلب جبار
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} قال: «يقرب إليه فيتكرهه، فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره» يقول الله تعالى {وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم} [ محمد: 15] وقال: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} [ الكهف: 29].
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {من ماء صديد} قال: ما يسيل بين جلد الكافر ولحمه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ويسقى من ماء صديد} قال: القيح والدم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور، عن مجاهد في قوله: {من ماء صديد} قال: دم وقيح.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ويسقى من ماء صديد} قال: ماء يسيل من بين لحمه وجلده.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال: لو أن دلواً من صديد جهنم دلي من السماء فوجد أهل الأرض ريحه، لأفسد عليهم الدنيا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7